حان
الوقت لبدءِ وضعُ القلمِ علي الورق , ومع أول نقطة حبر تسقط عليه تتضح معالم
الطريق ... حيث لم يتبقَ إلا القليل وتزعجنا أجراس الساعة بدقاتها معلنة عن اللحظة
التي أنتظرها بنهم . أتيحت لي الفرصة لأبدأ في كتابة هذا الموضوع في العديد من
المناسبات وأوقات الفراغ التي أفتقدها كثيراً في الأوقات الراهنة , لكن لا أدري ! فكلما
أشرع في الكتابة لا تلهمني جوارحي , قد يكون لعدة أسباب أهمها أن الملهم هو
الله , مع أسباب تتعلق بكوني أفقد السيطرة
علي نفسي وأكتب في أوقات يرفضها عقلي الواعي وأيضاً اللاواعي . والله يعلم ويشهد أني
جلست كثيراً مثلما أجلس الآن لأكتب ما أكتبه الآن .. لكن ما باليد حيلة . أنظر الي
الورقة فارغة .. عيني تحدق عليها ...
أُسندُ رأسي بيدي مُفكراً ... أحياناً أدق عليها - رأسي - بشدة ... وكأن المعلومات تنتظر هذه الخبطات لتخرج ... إنه لسخف أن تجبر
عقلك علي اخراج ما بداخله مُرغماً ... كثيراً شعرت بالتوتر والجمود العقلي وأدركت
حيناً أن خيط الأفكار قد انقطع .. وأنها فترة جمودٌ عقلي لن أستطيع خلالها أن أكتب
شيئاً حتي يتريث هذا المخلوق المفكر - العقل – حتي أمهلته فترة كافية عُدت بعدها
لأحدث نفسي مجدداً .
عودة
الي الوراء قليلاً ..
قالوا
عن الماضي بأنه أسود , وأنه لا يفيد ولا يأتي الا بالمصائب تدق علي رؤوس أصحابها .
وأن اليوم مهما عكرته الظروف فهو أنقي من الأمس , وأن ماضي الانسان لن يُحدث
تغييراً جزرياً في حياة بني البشر .
إلا
من رحم ربي .. فمن نظر للماضي .. نظر بعين متيقظة , وعقل ناضج , وروح مُلهَمة .
حتي
هؤلاء فينظرون للماضي بعين علماء ومؤرخين , وباحثين في التاريخ ...
دعك
يا صديقي من هؤلاء السُذج أصحاب النكد والكآبة .. كل نظراتهم للخلف يصاحبها دمعة
هُم في غنى عنها , هؤلاء تحاصرهم الدوامة .. دوامة الماضي الحزين الكئيب .. ولا
يعطون لأنفسهم الفرصة لينقذوا حياتهم منها ..
هذا
النوع بعيداً عن حساباتنا .. ولا نلقي له
بال
نظرتي
للماضي يمكنك ان تستنبطها من خلال النقاط القليلة القادمة ..
لا
تمل وأكمل القراءة ..
فقد
بدأت الرحلة بصحبتي فلا تتركني تائها ..
أكمل
أكمل .. وقليلٌ من الشفقة
والتريث
...
اللحظة
التي تنتظرها ..
هل أدركت
الحظة الفارقة في حياتك ؟ ... هل واتتك الفرصة ؟ .. أتدرون أن لكل فئة وكل طبقة علي
وجة الأرض لها لحظة تفرق بين ماقبلها وما بعدها .. فالعالم قبل الحرب العالمية الثانية
غير ما بعدها .. ومصر قبل الثورة غير ما بعد الثورة .. بيتنا قبل الدهان غير ما بعد
الدهان .. ازداد جمالاً وحسناً بعد أن ملأه قبحاً !
قبل
سبتمبر .. وما بعد سبتمبر
لا أدري
من أين أبدأ وبأي حرف سأنهي الحديث !
سبتمبر
.. هذا الشهر المُلبد بالأحداث المثيرة .. تاريخياً أيضاً
نقطة
فاصلة في حياتي لن أنساها مطلقاً ...
كثرت
التجارب المؤلمة .. مؤلمة بحق ! .. لكن أهنئ نفسي , لأن الثمن الذي دفعته الآن أرخص
بكثير من ما كنت سأدفعه في المستقبل , العواقب ستكون وخيمة وربي أعلم بحالي حينها وبمقدرتي
علي حلها ... حدث ما حدث وزادني يقيناً بأن التعلم لا يأتي إلا " عملياً
" ليس " نظرياً " .. هيا خُض التجربة .. حاول وغامر وانتظر النتيجة
.. وأحكم بنفسك .. ستجد التجربة أعطتك الكثير
..
جربت
الكثير في سبتمبر ورأيت بأم عيني كم نحن حمقي .. منساقون للغرب كالبهائم , فرحون
بالموضة والأزواق , نُقلد تقليداً أعمي .. حتي في ما يخالف ديننا .. جربت وحمد ربي
كثيراً علي هذه الفرصة .
أنشودة
حب لربي أدندن بها .. أذكر أني سجدت في مرة ومر أمامي شريط تسجيلي بما كان قبل
سبتمبر وما بعد سبتمبر .. نظرت للفارق .. دمعت عيني من هول الحدث .. الخطأ فادح ..
لكنه يُغتفر ..
مازلت
في سجودي وقرأت " قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة
الله " .. قبل سبتمبر لم يكن لها طعم , الآن وبعد مرور عام كامل والآية لها
صدي مختلف , حقاً الرحمة موجودة ومازلت أطلبها .. وفي سبتمبر كانت لحظة الوداع بيني
وبين معصية صاحبتني كثيراً وعذبتني عذاباً أليماً ... حمداً لله !
سبتمبر
... حروف أتذكرها بشعور مضطرب .. لا أدري أواجب عليّ أن ابتسم لهذا التغيير .. أم
أترك الدموع لتشفي غليلي قليلاً .. فنفسي تصعب عليّ .. كم تآذت !
نظرتي
للماضي كما ذكرت هي سبتمبر ... لا أري غير سبتمبر
نظرة
حالمة .. بأن القادم أنقي
قد
تكون نظرة تحذير وتنبية ... إياك أن تعود !
الأحداث
لا تنتهي ... والتجارب كثيرة جداً ... تحتاج الي رواية
وأيضاً
سأظل محتفظاً بالقليل لنفسي ..
فأنا
أوهب نفسي مميزات تميزها عنكم ..
فهي
تحتاج للترويض .. وأنا اتودد اليها كنوع من الترويض
هذا
الشهر هو شهر ميلادي .. فأنا ولدت فيه
لكن
الآن له طعم مختلف
يوم
ميلادي سأحتفل به كما أحتفل الآن بشهر سبتمبر
سأنتظر
أشياءاً تتغير في شهوراً أخري حتي أسجلها في تاريخ الفتي الساذج !
الماضي
أسوأ من الآن ..
والآن
أسوأ من الغد
هذا
ما أراه
وهذا
ما أريده .. والكل يريده !
ابدأ
واصنع سبتمبر لنفسك .. وأوعدك ستفرح كثيراً عندما تري التغيير الذي تريده