Subscribe:

Sunday, 11 March 2012

حكاية صغنونة " صراع مع الزمن "


 اقرأها يا باشا كده واستوكل علي الله .. وانا علي ثقة ويقين انها هاتعجبك وده مش غرور علي فكرة , لأ بالعكس .. ابسلوتلي .. انا باحاول استعطفك بس




يعاني صديقنا في تلك الايام من عطل في سيارته يمنعه من ركوبها لفترة طويلة , لذلك لم يجد غير الميكروباص ليوصله للمكان المرغوب , بعد ان ملّ من غطرسة سائقي التكاسي عليه , وطمعهم في " بنديرة " اضافيه  ... استقلَ صديقنا ميكروباصاً متجهاً إلي المحطة, وظل منتظرا لفتره طويلة قضاها في التأمل في الشوارع , والطرق الوعرة التي لا تصلح لسير " توك توك "  , ناهيك عن الازدحام المروري الغير معهود في ذلك اليوم , لم ينطق ببنت شفه واطلق تنهيده من صدره تعبيرا عن تهكمه لتلك الحاله المزرية التي يعاني منها امثاله ...

توجه بنظره الي الشاب الذي يُقل الناس للسيارة ويأخذ منهم الأجرة , وتمعن في وجهه الملئ بالبقع السوداء , وملابسه المتسخة , مثله كمثلِ أي انسانٍ غدر به الزمان والقاه في بئرِ الفقر الذي لا نجاةَ منه الا بطرق نفتقدها نحن في زمننا الموقر . مرَ وقتٌ طويلٌ وهو يتابعه بطرفِ عينه ولفتَ انتابهَه تلك السيارةُ الفارهة المارة بجانب الميكروباص , لكن صديقنا تعجب من نظره الشاب للرجل صاحب السيارة , اذ توقفت السيارتان عند اشارة المرور , وبدأ الاثنان في تبادل النظرات ... وتوقع حينها ان صراعا سيشب بينهم الآن لأسباب يجهلها , وكما حدثه ضميره حدث ماتوقعه , ودار حوار بين الاثنين , لكنه حوار من نوع خاص تعجب له  .. حوارٌ ينجُم عن جرحٍ داخلي بين الاثنين .. حوارٌ يودُ كلاً منهم ان يبدأه ليخرج كل ما بداخله من أمراض غرسها الزمن فيه بدأه فتي الميكروباص :

 اتعلم يا صديقي كم نحن نعاني ! .. ادْرك لبرهة من الزمن كيف نحيا في دنيانا , ادْرك ان الفقر الذي تركتمونا فيه يفتكُ بأجسادنا يوماً وراء الاخر , وانتم تنعمون في شهواتِكم , وتمرحون بأموالكم

- إنك حشرةٌ من حشراتِ المجتمع , ولا يخرج من فمك الا الحقد والكراهية . انت وامثالكم من يلوثون مجتماعتنا بطريقتكم المعيشية القذرة

- ومن أين أتت تلك المعيشة القذرة , أليس أنتم من تركتمونا  , تركتمونا نلحس في تراب الارض .. ونشرب من المياة الضحلة ! .. لو أعنتونا في ازمتنا ما كنا هكذا .. لو اخرجت من جيبك نكلة لأنقذتني , لكنك تبخل ان تخرج .. انت وامثالك مرضي .. مصابون بأمراض  تجعل النفس غير قادرة علي العطاء , لا تنظر الا لطبقة مجتمعها

- انتم كسالي ولا تعملون ! ... فكيف تنعمون ؟

- نعمل .. لكن لا نحصل علي شئ يدير حياتنا , إنكم تعيشون حياة غير التي نحياها , انتم أثرياء الزمن لا تبالون بأموالكم التي تنفقونها ليل نهار علي لا شئ يذكر , مع العلم أن اموالكم اللعينة تلك هي التي تنقذ حياتنا من الموت ...

لم يرد قائد السيارة .. بل أحني رأسه لأسفل تعبيرا عن أسفه , واقتناعه بكلامه ... وكاد أن يهمس بفمه بكلمه ليرطب حديثه .. لكن اكتفي بالنظر الي وجهه .. ثم نظر في طريقه بعد ان انفتحت اشارة المرور وعزم علي السير ... لكنه ركن السيارة علي جانب الطريق .. وصعد للميكروباص واعطاه ورقة كتبها هو داخل سيارته ورحل ثانيةً  ...

 أراد صديقنا ان يعلم ما بداخل الورقة , لكنه لم يستطع , ونظر للشاب وهو يبكي من ما قرأه ... ارتجف بشده ! .. وقاده فضوله ليعرف ماهية الورقة , وكيف اثارت الشاب .. ترك الشاب الورقه تسقط منه في الطريق , فانتبه صديقنا لذلك وصرخ في سائق الميكروباص ... " علي جنب يا اسطي " .. نزل من هنا وظل يبحث عن الورقة .. وبالفعل وجدها .. حملها ونظفها بعد ان لوثها التراب ... وقرأ ما عليها وسار مبتسما ... اذ كانت عليها رسالة ليست للشاب فقط .. انما لكل انسان قد ادرك ان قطار الزمان فاته .. وهو لم يفته , كانت الرسالة من قائد السيارة الفارهة تقول :

 " ستصل يوما ما لمكانتي تلك .. فقد كنت في يوم  من الايام  مثلك , لكن عزمت علي ان اصل يوما ما .. ووصلت , وستصل انت ايضا .. لكنه صراع مع الزمن ستنتصر انت فيه في النهاية "  .. صراع مع الزمن


تمت ,,

 والنبي لو عجبتك اعملي فولو علي تويتر

وهاكونا مطاطا برضه