Subscribe:

Wednesday, 5 December 2012

" قطار " .. قصة قصيرة



ثمةً مقعدٌ فارغ في أدني العربة , أتفادي بحماقةٍ كلُّ من أمامي سعياً إلي الوصول اليه .. إنه يسكنُ كالملكِ في أوسطِ العربة . أعلم أنه من المفترضِ بي الجلوسَ في الأمام حسبما هو مكتوبٌ في تذكرتي..  لكن بئسَ ما أفعل !  ولماذا أرمي بنفسي الي ذاك المكان الوحل , انا لا أحتمل ازعاج المارة , والداخل والخارج ومن فقدَ عينه ونسي أن يغلق الباب خلفه  , ناهيك عن دخانِ التبغ المتصاعد من أفواه المدخنين الواقفين بجوار الباب . ولا أستثني حديثي هؤلاء الثيران المتبجحين ذاك الذي يخرُجُ دونَ ان يُغلقَ البابَ خلفه ! حسْبي أن أشمرَ عن ساعدي وألكمه لكمةً فولاذيةً   أُخرج بها حنقي المكتوم عن فعلته المستفزة . لا أطيقُ – فعلاً – الجلوس في الأمام , أنبذه بشدة , وحظي التَعِسْ أنّي أجلس فيه كثيراً .. حتي فاضَ بي , وذُقت ألواناً من التجارب كانت كفيلةً بأن ألعن تلك المنطقة بأكملها ..

خَطَرَت هذه الأفكارُ .. وأنا مازلتُ في طريقي لذلك الكرسي الفارغ ..
ليس مقعدي , لكني سأقنع الرجلَ الذي يفحص التذاكر بأن جلوسي هنا لن يضر ..
وإن استوجبَ عليّ القيام , فلن امانع مطلقاً

طرحت جسدي بقوة علي المقعد وأطلقت تنهيدة تنم عن مدي انهاكي , فمنذ الصباح الباكر وأنا أجوب الشوارع كالقطط  أنهي مستلزماتي الدراسية , استغرقت قرابة ال4 ساعات .. بعدها فكرت ملياً في امكانية السفر دون العودة الي البيت . وعلي الفور طلبت سيارة أجرة وهرعت الي محطة القطار .

يا الهي .. لم أشعر بهذا الكم من الارهاق من قبل , وكيف وانا مازلت في بداية الطريق ؟!
الطريق طويلاً والقطار ما لبث أن تحرك من توه
الآن أتريث قليلاً .. نفساً عميقاً أكرره 3 مرات , ومن ثم أخرج روايتي العزيزة من الحقيبة وأفتحها , وأميل برأسي علي النافذة المجاورة لأمارس هوايتي المعتادة : أتأمل الطريق من النافذة تارة , وأكمل القراءة  تارة  أخري ..
 وهكذا دواليك حتي نهاية الرحلة ..

رفعت جفوني الراية البيضاء  .. وسلَّمت نفسها للنوم ..
علي صدري وضعت الكتاب دون ان اغلقه ..
يبدو أن القدر يحول بين نومي الهادئ
والآن ..
 يكون الرحيل الي العالم الآخر
عالم اللا وعي 
ـــــــــــــــــــــــــ

الشارع هائجٌ بأفراده .. لافتات مُعلقة تحمل عبارات ثورية خالصة , مكبرات صوتية تصم الآذان , الآلاف من المواطنين يقفون عبر الشارع الرئيسي في نفس الوقت الذي تضطرب فيه السيارات وتبدأ في اطلاق أبواقها المزعجة لتكمل المشهد الهزلي , أصوات الهتافات تعلو ..
عروقه تظهر بشده .. وجهه شديد الاحمرار .. صوته يكاد يصل لأبعد مدي .. محمول علي عنق احد المواطنين .. يشوح بيديه .. ذلك الفتي يبدو مثيراً .. علي الرغم من حالته المزرية الا أنه يبدو أنيقاً بشاله الملفوف حول عنقه , يعطيه مزاقاً ثورياً رائعاً ..

كم كنت اتمني أن أبقي لوهلة حتي آري تداعيات الأمور .. لكن أنظر الي ساعتي
لم يتبق وقت حتي أصل الي المعهد ..
ومن ثَمّ فكرت في أن آخذها عدواً .. وبالفعل !
في بضع دقائق كنت قد وصلت

فجأة أُعلنت حالة الطوارئ في المعهد .. الضباط يخرجون الطلاب من المخرج الاحتياطي
تحدثت الي احدهم وأخبرني أن ذلك حمايةً للمواطنين .. توقعاً لحدوث اشتباكات الآن مع الأمن ..
يا للهول ! .. بالفعل أرى جموع كبيرة من العساكر تتحرك تجاه المتظاهرين  ..

يبدو أن الأمور تزداد سوءاً فسوءا ..
ثمة أشخاص يتحدثون عن شغب سيحدث الآن ..
زخم يملأ الشارع ..
لكن لا شئ يحدث ..  مجرد وقوف من جهة الأمن بجانب المتظاهرين حسبما رأيت بعيني
أخبرت الضابط أنه لا وجود لشغب سيحدث ولكنه وضح لي أن اغلاق المعهد اليوم حفاظاً علينا إن حدث شئ ما ..
أبديت أسفي أمامه ووضحت له انني لست من أهل المدينة .. فتعجب !

غادرت ..

أنا الآن موقعي بجانب المتظاهرين .. اتابع !

البعض يعلو بالهتاف .. ومجموعات متفرقة تتناقش مع بعضها وقد تحتد المناقشات وقد يصل بعضها للسباب - لا يهم .. ما زال امامنا الكثير من الوقت - .. شابٌ يقف علي عمود مرتفع يواجه المظاهرة  , ويتشعلق عليه شبيها بالقرد , ينظر في عدسة كاميرته بطريقة تنم عن براعته .. ثمة قناة تليفزيونة يبدو انها تتحدث مع الناس , والمراسل يقف بين نار مسئول قناته الذي طلب منه أن ينجز التقرير , وبين نار الشباب الذي يسخر من المراسل ويتدخلون في اللقاء بصورة طفولية عبثية .. ولا يدري ماذا يفعل المراسل ليتخلص منهم .. موقفٌ مضحك للغاية !

أغادر موقعي وأشرع في السير .. حتي أبتعد قليلاً عن موقع الحدث .. ما زلت أري جموع المتظاهرين من بعيد !

قطاري سيغادر العاشرة  ..  و الآن هي  تدق لتعلن انها السابعة  ..

 مازال هناك متسعٌ من الوقت

أتوجه الي كافية قريب .. واطلب فنجاناً من القهوة المظبوطة .

الآن بدأت عملية المسح , الدخول علي شبكة الانترنت وذكر ما رأيت من احداث ..
أيضاً مُتابعة مستجدات الأمور في باقي المحافظات .. قتلى ؟ اصابات ؟
هذا ما عهدناه الفترة الماضية ..
أشكال الدم وألوانه لم تغب كثيراً عن أعيننا ..

الآن جائت القهوة تتراقص في فنجانها .. كم أتلذذ برؤيتها , أرتشف بعضاً منها .. وأكمل ما بدأته ..

أتابع الأخبار علي شبكة التواصل الاجتماعي ..

هناك من يتحدث عن شغب .. مظاهرات تتعرض للقمع .. ياا للأسف ! 
لحظة من فضلك  ! .. عُنفٌ وشغب في المنطقة التي أتواجد بها ؟ .. لكني لا أري شيئاً مما هو مكتوب .. " يا سيدي انني في موقع الحدث ولا حقيقة لما تقوله " هذا ما رددت به
اجد صفحات كثيرة بدأت تنشر خبره الذي أشعل الموقف واحدث ضجة
الخبر غير صحيح بالمرة .. وهذا ما أكدته لهم ..
وكأنني أصطاد من مياه متعكرة .. لا جدوي من ما أفعل
والعجيب أن الأقوال بدأت تتضار ب , هناك من يقول ان الاخوان هم من بددأوا الضرب , والآخرون يتحدثون عن الثوار أنهم هم من بدأوا بالضرب , وكل هذا أمامي وأنا أضحك واجلجل بالضحك .. لاهم باخوان ولا ثوار يا سادة , ليس هناك شيئاً من الأساس ...

افعلوا ما بوسعكم فهذا ليس بجديد علينا كمصريين ..

أغلقت جهازي ووقفت من توي , واعطيت للفتي ثمن القهوة التي شربتها وغادرت .
الأمور ليست علي ما يرام ..
يبدو أن توقعات ضباط المعهد كانت في محلها ..
أري تجمعات أخري من أهل المنطقة يحملون أسلحة بيضاء  ويتوجهون الي محيط المظاهرة ..
اللعنة  !

 من المستحيل أن يكون ما قرأته علي النت سبباً في هذا , يبدو علي تلك الوجوه أنها لا تفقه شئ في الكمبيوتر من الأساس , لكن كيف هذا يحدث ؟ أسأل عابر سبيل فيقول لي أن بعضاً من المتظاهرين قد ضرب شاباً من أبنائهم لاعتقادهم انهم ثوار ! انها مؤامرة اذن .. هؤلاء الطائشين يحسبون أن المتظاهرين اخوان وهم ليسوا باخوان , ويتحدثون عن انهم يقتلون وينهبون , وسرقوا البلاد لأنفسهم .

اقتربت الأهالي من المظاهرة وأظهروا أسلحتهم , والشباب عندما رأوا الأهالي يقتربون بدأوا  بالهتاف " يسقط يسقط حكم المرشد " .. ويقولون " لا للاخوان " . ما هذا المشهد الهزلي ؟ , كلاهما يحسبون الآخر انه اخوان ولا وجود للاخوان من الأساس , رائحة الدم يبدو أنها ستكون البطل , ألا يوجد أحد من المسئولين ينقذ الموقف ويحل تلك الأزمة ؟ وماذا عن الأمن .. في الآونة الأخيرة أصبح الأمن لا يتدخل في مثل هذه الأمور , ويقف كالمتفرج , وهذا ما حدث بالفعل .. لم يتدخل احد منهم لأنهم من يلبسون التهمة في النهاية , ويقومون بعزل مدير الأمن .. الخ !

اذن لا حل .. الصراع بدأ يحتدم .. أسلحة بيضاء .. طوب .. شوم .. ضرب .. اصابات .. شباب محمول علي الأكتاف .. أبواق سيارات الاسعاف .. هرج ومرج .. محلات تغلق أبوابها .. فلاش الكاميرات يبرق في الظلام ..

ابتعد عن الحدث خوفاً علي اصابتي ..
أجري .. أجري ..
أنظر ورائي لأجد طوبة تصطدم بوجهي ..
أصرررخ .. اااه


ـــــــــــــــــــــــ

أيقظني رجل كبير يجلس بجانبي في القطار , وراي علي وجهي هلعُ وخوف , ما هذا الكابوس ؟  يبدو أنني كنت أحلم , هدّأ من روعي وقال لي استعذ بالله يا ولدي من الشيطان الرجيم , فعلت ما قال لي , وأعطاني زجاجة  مياة  لأشرب .. تذكرت ما رأيت في الحلم


 " ليس حلماً بل حقيقة .. أزمة عميقة .. بين أبناء دولة عريقة .. كانوا يخشوا أن يُذكروا في التاريخ علي أنهم شعبٌ يخشي الكلام .. كسروا حاجز الصمت .. تحدثوا وتكلموا .. أحدثوا ضجة .. تكلموا وثرثروا .. أصدروا ضوضاء تصم الآذان .. "  

أحمد الله  علي أنه كان كابوساً , فلو أصابني شئ لكانت الطامة الكبري ..
بالاخص أنني لا أتمني ان أموت في مشهد كهذا يراه البعض علي انه موقف بطولي وهو ليس بذلك ..

مازال الرواية ملقاة علي صدري .. أكمل القراءة ..
هاتفي يرن فجأة .. انها أمي !
أهلاً أمي .. بالفعل قاربت علي  الوصول .. ماذا ؟ هناك ضربٌ في محيط المحطة ؟ بين من ومن ؟ اهاا لا تعلمي اذن .. لعله خير .. لا تقلقي لن أقترب .. حاضر .. سأهتم لحالي .. وداعاً

ـــــــــــــــــــــــــ



Friday, 31 August 2012

سبتمبر .. شعااع نور




حان الوقت لبدءِ وضعُ القلمِ علي الورق , ومع أول نقطة حبر تسقط عليه تتضح معالم الطريق ... حيث لم يتبقَ إلا القليل وتزعجنا أجراس الساعة بدقاتها معلنة عن اللحظة التي أنتظرها بنهم . أتيحت لي الفرصة لأبدأ في كتابة هذا الموضوع في العديد من المناسبات وأوقات الفراغ التي أفتقدها كثيراً في الأوقات الراهنة , لكن لا أدري ! فكلما أشرع في الكتابة لا تلهمني جوارحي , قد يكون لعدة أسباب أهمها أن الملهم هو الله  , مع أسباب تتعلق بكوني أفقد السيطرة علي نفسي وأكتب في أوقات يرفضها عقلي الواعي وأيضاً اللاواعي . والله يعلم ويشهد أني جلست كثيراً مثلما أجلس الآن لأكتب ما أكتبه الآن .. لكن ما باليد حيلة . أنظر الي الورقة فارغة .. عيني تحدق عليها ...  أُسندُ رأسي بيدي مُفكراً ... أحياناً أدق عليها - رأسي -  بشدة ... وكأن المعلومات  تنتظر هذه الخبطات لتخرج ... إنه لسخف أن تجبر عقلك علي اخراج ما بداخله مُرغماً ... كثيراً شعرت بالتوتر والجمود العقلي وأدركت حيناً أن خيط الأفكار قد انقطع .. وأنها فترة جمودٌ عقلي لن أستطيع خلالها أن أكتب شيئاً حتي يتريث هذا المخلوق المفكر - العقل – حتي أمهلته فترة كافية عُدت بعدها لأحدث نفسي مجدداً .

عودة الي الوراء قليلاً ..

قالوا عن الماضي بأنه أسود , وأنه لا يفيد ولا يأتي الا بالمصائب تدق علي رؤوس أصحابها . وأن اليوم مهما عكرته الظروف فهو أنقي من الأمس , وأن ماضي الانسان لن يُحدث تغييراً جزرياً في حياة بني البشر .
إلا من رحم ربي .. فمن نظر للماضي .. نظر بعين متيقظة , وعقل ناضج , وروح مُلهَمة .
حتي هؤلاء فينظرون للماضي بعين علماء ومؤرخين , وباحثين في التاريخ ...
دعك يا صديقي من هؤلاء السُذج أصحاب النكد والكآبة .. كل نظراتهم للخلف يصاحبها دمعة هُم في غنى عنها , هؤلاء تحاصرهم الدوامة .. دوامة الماضي الحزين الكئيب .. ولا يعطون لأنفسهم الفرصة لينقذوا حياتهم منها ..
هذا النوع بعيداً عن حساباتنا ..  ولا نلقي له بال

نظرتي للماضي يمكنك ان تستنبطها من خلال النقاط القليلة القادمة ..
لا تمل وأكمل القراءة ..
فقد بدأت الرحلة بصحبتي فلا تتركني تائها ..
أكمل أكمل ..  وقليلٌ من الشفقة
والتريث ... 

اللحظة التي تنتظرها ..

هل أدركت الحظة الفارقة في حياتك ؟ ... هل واتتك الفرصة ؟ .. أتدرون أن لكل فئة وكل طبقة علي وجة الأرض لها لحظة تفرق بين ماقبلها وما بعدها .. فالعالم قبل الحرب العالمية الثانية غير ما بعدها .. ومصر قبل الثورة غير ما بعد الثورة .. بيتنا قبل الدهان غير ما بعد الدهان .. ازداد جمالاً وحسناً بعد أن ملأه قبحاً !
قبل سبتمبر .. وما بعد سبتمبر
لا أدري من أين أبدأ وبأي حرف سأنهي الحديث !
سبتمبر .. هذا الشهر المُلبد بالأحداث المثيرة .. تاريخياً أيضاً
نقطة فاصلة في حياتي لن أنساها مطلقاً ...
كثرت التجارب المؤلمة .. مؤلمة بحق ! .. لكن أهنئ نفسي , لأن الثمن الذي دفعته الآن أرخص بكثير من ما كنت سأدفعه في المستقبل , العواقب ستكون وخيمة وربي أعلم بحالي حينها وبمقدرتي علي حلها ... حدث ما حدث وزادني يقيناً بأن التعلم لا يأتي إلا " عملياً " ليس " نظرياً " .. هيا خُض التجربة .. حاول وغامر وانتظر النتيجة .. وأحكم بنفسك .. ستجد التجربة  أعطتك الكثير ..
جربت الكثير في سبتمبر ورأيت بأم عيني كم نحن حمقي .. منساقون للغرب كالبهائم , فرحون بالموضة والأزواق , نُقلد تقليداً أعمي .. حتي في ما يخالف ديننا .. جربت وحمد ربي كثيراً علي هذه الفرصة .

أنشودة حب لربي أدندن بها .. أذكر أني سجدت في مرة ومر أمامي شريط تسجيلي بما كان قبل سبتمبر وما بعد سبتمبر .. نظرت للفارق .. دمعت عيني من هول الحدث .. الخطأ فادح .. لكنه يُغتفر ..
مازلت في سجودي وقرأت " قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله " .. قبل سبتمبر لم يكن لها طعم , الآن وبعد مرور عام كامل والآية لها صدي مختلف , حقاً الرحمة موجودة ومازلت أطلبها .. وفي سبتمبر كانت لحظة الوداع بيني وبين معصية صاحبتني كثيراً وعذبتني عذاباً أليماً ... حمداً لله !
سبتمبر ... حروف أتذكرها بشعور مضطرب .. لا أدري أواجب عليّ أن ابتسم لهذا التغيير .. أم أترك الدموع لتشفي غليلي قليلاً .. فنفسي تصعب عليّ  .. كم تآذت !  
نظرتي للماضي كما ذكرت هي سبتمبر ... لا أري غير سبتمبر
نظرة حالمة .. بأن القادم أنقي
قد تكون نظرة تحذير وتنبية ... إياك أن تعود !

الأحداث لا تنتهي ... والتجارب كثيرة جداً ... تحتاج الي رواية
وأيضاً سأظل محتفظاً بالقليل لنفسي ..
فأنا أوهب نفسي مميزات تميزها عنكم ..
فهي تحتاج للترويض .. وأنا اتودد اليها كنوع من الترويض

هذا الشهر هو شهر ميلادي .. فأنا ولدت فيه
لكن الآن له طعم مختلف
يوم ميلادي سأحتفل به كما أحتفل الآن بشهر سبتمبر
سأنتظر أشياءاً تتغير في شهوراً أخري حتي أسجلها في تاريخ الفتي الساذج !
الماضي أسوأ من الآن ..
والآن أسوأ من الغد
هذا ما أراه
وهذا ما أريده .. والكل يريده !
ابدأ واصنع سبتمبر لنفسك .. وأوعدك ستفرح كثيراً عندما تري التغيير الذي تريده







Sunday, 29 July 2012

الحقيقة وراء ... هاكونا مطاطا



مرّ من الزمن علي انشاء هذه المدونة الكريمة قرابة الشهرين أو أقل .. أو أكثر , لا أتذكر تحديداً متي أنشأتها , لكن أتذكر انها لم تكن الأولي في تاريخي المعاصر , فقد أنشأت واحدة علي موقعٍ آخر لا داعي لذكر اسمه  - مش باعمل تبادل اعلاني  -  وكان الأداء تقليدياً بطريقة تجعل القارئ ينفر من استكمال الموضوع , وهذا أيضاً ينطبق علي شكل المدونة  . وحدث أن تواجدت عند أحد أقربائي يفهم " الليلة " ورأيته يدير العديد من المدونات عالية الجودة والمقدار وعالية التصميم , فانتابني شعور بالشفقة علي نفسي بالمدونة التي أملكها , فعرض عليّ أن ينظمها ويعيد انشائها لي من جديد بشكل أفضل من التي كانت عليها , وبالفعل أنشأت أخري بشكل جديد .. واسم جديد .. وروح جديدة .. وبفكر جديد ظهر في موضوعاتي . 



إذا نالك الشرف في يوم من الأيام أن تعايش هذا الكائن الذي يملي عليكم سطوره الآن , ستجدوا أنه يعشق الافتكاس والاختراع الممزوج بالروح الفكاهية السخيفة , والدلالة واضحة في اسم تلك المدونة وغيرها من المصطلحات التي حديثاً جعلتها مسميً لي علي " الطنيطر " كمثال  . وأطلقت العنان لخيالي وأنا في مرحلة " العصف الذهني " ولم أجد أمامي الا هاكونا مطاطا كإسم لتلك المدونة وهو اسمٌ مقتبس من كارتون تيمون وبومبا  , هذا الكارتون الذي أحدث رجفة في قلوب الأطفال وفي قلبي أيضاً أيام الطفولة السعيدة , وحتي الآن فهو محفور في أذهاني . وكان اختياري لهذا الاسم ليكون شعاراً لي هذه المرحلة مبنياً علي عدة أشياء أولها وأهمها هو الأغنية الخاصة بكارتون تيمون وبومبا , فقد كنت أستمع للأغنية في صغري بأُذن طفلٍ يحب الرسوم الكارتونية ويعشق أن يدندن علي موسيقي الأطفال المميزة , لكن عندما كبرت وسمعت الأغنية وجدت فيها رسالة ضمنية , ألا وهي " ارمي الماضي اللي يغيظ " . كان هذا أحد أهم الأسباب التي جعلتني أضع هاكونا مطاطا شعاراً لمدونتي , وأيضاً لتصرفاتي ومواقفي .. فأينما ذهبت تجدني أبصم علي الجدران باسمي يجاوره هذا الشعار .

هاكونا مطاطا ..  هل فكرت في يومٍ من الأيام أن تعرف مني هذه الكلمة ؟
أنا أحد الأشخاص الذين اعتقدوا ان هذا الاسم ليس له معني , ولم أكن أفكر أن اكلف نفسي في البحث عن هذا الاسم مطلقاً , كل ما كان في ذهني تجاه هذا الاسم أنه اسم هلامي ذُكر في أحد أفلام الأطفال .

وبعد بحث ... اكتشفنا ما هي هاكونا مطاطا ومن اين جائت !

هاكونا مطاطا مصطلح من المصطلحات الخاصة باللغة " السواحيلية " , لغة معظم دول شرق افريقيا , وهي اللغة الرسمية لدولة كينيا وتنزانيا , ويُذكر أنها متعطشة باللغة العربية كثيراً , وبها العديد من المصطلحات المشابهة للغة العربية , وتكتب الآن بالحروف اللاتينية بعد أن كانت تكتب بالحروف العربية من قديم الأزل في بداية القرن الأول الهجري  .

هاكونا مطاطا باللغة الانجليزية تعني " There are no worries "  , أو " no problem "  , أو " don't worry "   , ومن هنا يمكننا القول بأن هاكونا مطاطا تعني باللغة العربية : " مافيش داعي للقلق " , ماتخلقش مشكلة بدون مشكلة " ... هذا هو المعني الحقيقي لهاكونا مطاطا . وبعد معرفتي بمعناها ازددت غبطة وسرور أني اتخذت هذا الشعار , شعار ينم عن الأمل والتفاؤل والسرور ... هاكونا مطاطا :))

قبل أن أنهي حديثي وجب عليّ أن أوجه الشكر لبرنامج خواطر 8 وللشاب أحمد الشقيري علي اهتمامه بأمر المدونة وتخصيص حلقة خاصة ب " هاكونا مطاطا " والتي تحدث بها عن كينيا وبعض المشاريع التي أقاموها هناك , وفي الحقيقة هذه الحلقة كانت الحافز الرئيسي لبدء التفكير في البحث عن معني الاسم  , وبما انني لا اعترف بمبدأ التبادل الاعلاني , فلن أقوم بنشر الفيديو الذي ذكرت فيه ولن أتحدث عن احمد الشقيري أكثر من هذا ... وهاكونا مطاطا :)) 


Follow me on Twitter 

وبس !




Monday, 16 July 2012

ترنمات خفيفة : في ذكري الحبيبة



فــــي ذكــــــري الحبــيــبــــة ...


في ذكري الحبيبة ترتسم ذاكرتي بأيامٍ لا أود أن تفارق مخيلتي للحظة ما مستقبلاً , في ذكري الحبيبة تمر أمام عيني كل لحظة حملتها بيدي , كل لحظة رافقتني فيها. في ذكري الحبيبة نسترجع معاً أول يوماً رأيتها أمامي وكنت أنبهر من روعتها وجمالها .. لم تكن وحيدة حينها , كانت بصحبة رفقائها والذين أصبحوا رفقائي بقربي إليها , وبفراقها لم يعد لهم وجود في حياتي . في ذكري الحبيبة أتذكر يوم فقدانها .. يوم أن تجمدت مكاني للحظات ولم أنطق ببنت شفة طيلة اليوم .

اعتراف شديد اللهجة .. وهو أن ذكراها لم تأت بعد , فلم يمر شهرين علي فقدانها !! .. لكنها لا تفارق خيالي وتؤذيني كلما ارتسمت صورتها أمامي أو ذكرني أحد بها قاصداً أو غير قاصداً , هل عليّ أن أنتظر سنة تمر علي فقدانها لأعيد ذكراها وأذكر من حولي أن اليوم هو يوم فقدان العزيزة !! .. لماذا ذلك و أنا  باستطاعتي  أن أذكرهم كل شهر أو شهرين , أنا لن أقدر علي الصمود , لذا فاليوم هو ذكراها ... اليوم ذكري الحبيبة .



كاميرتي العزيزة ...  كم اشتقت اليك والي سوادك الفاتن , تلك النقشاط المرسومة علي جسدك تعطيها مذاقاً ذا لهيب خاص  , جسدك النحيل هو أجمل ما رأيتك , وبساطة عدستك ولونها الذي قلما رأيت , عندما أشرع في تحريك عدستك يذهلني أصوات حركتها والتي تنم عن تقلبات داخليه تحدث داخلك أشعر وكأنها تنم عن رضاك عني , ذاكرتك التي حملت الكثير والكثير من حياتي واحتفظت بها علي هيئة لقطات , لا أُنكر انك تعطين لي الفرصة لأدخل ما أود أن ادخل في ذاكرتك , فأدخلت كل ما في وسعي أن أدخله من ذكريات عابرة  وكلي أمل في أنك لن تخذليني وترفضي أن تحتفظي به , أشعر بأني مُقصر كل التقصير وأنتي تحملين كل حياتي في ذاكرتك وأنا لا أحمل سوي حافظتك التي جئتني بها , تلك الحافظة وما جئتني به معك  , فمعك أصدقاء العمر .. معك كابل اليو اس بي والسي دي الخاص بتعريفك علي الجهاز والشاحن الذي يبث فيكي الحياة  , هذا فقط ما يذكرني بك .... تحملين عني الكثير والكثير فهنيئاً لك بي .

من سرقك مني لن أغفر له خطيئته طيلة حياتي , سيظل كرهي له في قلبي الي أن تقوم الساعة وآخذكي منه مجدداً عندما تتبين الحقيقة أمام الجميع , والجريمة حينها لا تفيد , وسيعلم كم هو مخطئٌ بفعلته الدنيئة تلك .. أتعلمين يا عزيزتي .. كلي ثقة في أنك لا تتذللين الا لي , ستقفين أمام سارقك مني بكل شجاعة .. كلي يقين وايمان بحبك لي وولاءك لي . لا أعلم إن كانت ذاكرتك قد مُحيت أم لا , إن مُحيت من ذاكرتك فأنت في ذاكرتي ولن تفارقيها .. أتذكر ذلك اليوم الذي حدثت والدتي فيه عن فقدانك , وكنت أتوقع رد عنيف منها , الا أني فوجئت بقولها : لا تحزن يا صغيري أعلم أنها حبيبتك التي تخشي عليها وتضعها نصب عينك طيلة الوقت , بل وتصحبها معك في كل مكان ... لا تحزن فلك البديل . كاميرتي العزيزة بكلمات والدتي تلك ثبت لي أن علاقتي بك كانت علي الملأ أمام الجميع والكل يحترمها ويقدرها .. ولي شرفي بذلك .

قبل أن أنهي كلماتي تلك ... تذكرت أول يوم رأيتك فيه , عندما جائتني والدتي بك ورأيتك من بعيد وانبهرت وكدت أطير من علي الأرض تهللاً بك , تلك محبة صادقة من القلب أؤكد لك ذلك .. في ذكراك يا حبيبة تتجمل كل لحظات الراهنة أمامي , وتحلو كل الذكريات الماضية , وترتسم نصب عيني شريطة كاملة بكل أوقاتي معك ..  سأتذكرك دوماً ليس كل سنة كما يفعل العوام , سأتذكرك وأحتفي بك طيلة أيامي , ماتبقي من ريحتك مازلت محتفظاً به في دولابي ... كل مايحمل نكهتك في قلبي :  اليو اس بي والسي دي والشاحن كمان .

في ذكري الحبيبة ... وحشتيني :)

:
:
:


افتكر اني عندي أكونت علي التويتر


وهاكونا مطاطا 

Thursday, 5 July 2012

قصة صغنونة ... جولة داخل السيارة




أوقاتٌ كثيرة يظنُ الشخص أن وجودَه في مكان ما في وقتٍ غيرَ مناسبٍ قد يضعه في موقف محرج للغاية , أو يجعله يرى أشياء ليس من حقه أن يراها .. أو يتدخل في حديث ليس من شأنه  .. ومن الممكن أن تتهيأ له الفرصة ليعرض رأيه ويثبت شخصيته ويفرد ( عضلاته )  .. خيارات وضعتها .. من الممكن الإضافة عليها بما يمكن أن يضاف .

اللي أنا قلته ده مالوش علاقة باللي جي .. ركز بقي في اللي جي :)

يعني اسمع وانت ساكت وعلق في الآخر

 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



في هذه الساعة من الليل يزدحم المترو بالناس  وتتوافد الجموعات والجموعات, وفي كل محطة يتوقف بها يغادر المئات ويدخل مئات آخرون , وكأن القاهرة تلك كجحر النمل به الآلاف المؤلفة من النمل الذي لا ينتهي ولا يمكنك حصر عدده مع كثرته ... الكل يتصبب عرقاً ويحمر وجهه اختناقاً مع الحرارة الشديدة المصاحبة للاحتكاك داخل المترو وأيضاً حرارة الجو التي لا تحتمل , كل ذلك وأنا أجلس علي المقعد لا أبالي ولا أهتم  .. فقط احمل كتاباً اشتريته من مكتبة صادفتها في طريقي إلي المحطة ... فانشغالي بالقراءة لم يدخلني في المعاناة التي يعاني منها باقي العامة , فقط منديل أمسج به عرقي المتصبب خشية علي الكتاب أن يصيبه مكروه وتتساقط عليه قطرات الماء المالح ...
وصلت إلي آخر الخط واتجهت إلي باب المترو وأنا حذر للغاية من أية محاولات للسرقة أو غيرها ... حملت حقيبتي بيدي علي الرغم من ثقل وزنها  ,  وأتحسس جيبي الخلفي والأمامي وأتأكد من وجود هاتفي المحمول ومحفظتي  وأنا متحفز بشدة لأي محاولة تغدر بي ... المهم أني خرجت بأمان من المحطة وأثناء نزولي من علي السلم رأيت من بعيد سيارة تنادي علي ركاب ذاهبون إلي طنطا .. رأيتها وأنا لم أتخط بعد أسوار المحطة وكانت السيارة تبعد بكثير عن بوابة الخروج الرئيسية , المهم اني تمهلت أثناء سيري خوفاُ علي ظهري من الاصابة بسبب ثقل الحمل عليه ووصلت بسلامة الي السيارة وأخذت مكاني وأطلقت العنان لجسدي ليأخد راحته الكاملة علي الكرسي دون مراعاة لمن بجواري .. فلو أرحت أحداً علي قفاك فأنت الخاسر الوحيد .. ولماذا ؟
كنت في كامل نشاطي العقلي  ... وكالعادة بدأ النقاش السياسي الذي لا مجال للهروب منه وانت داخل أي سيارة أجرة , فطبيعة الشعب المصري في تلك الآونة أنه انشغل بالسياسة بشكل مبالغ فيه جعلت من كل فرد يعرض رأياً ..  سياسياً محنكاً !!
انتهي الحديث بسرعة وعاد من بالسيارة الي الهدوء والسكون ...

مشاهد عدة لفتت انتباهي داخل السيارة أثناء ركوبي .. بداية من فتاة في العشرينات حسنة المظهر كانت هي من تتولي تجميع الأجرة من الركاب علي الرغم من وجود بعض الشباب الأخر كانت لهم الأولوية لتولي مهمة كتلك ... وكان باستطاعتي أن أقوم أنا بهذه المهمة لولا أن منعني جلوسي في الخلف من ذلك .
مشهد آخر لرجل كبير في عمر الخمسينات مستغرق في النوم وبجواره سيدة كبيرة كان من الواضح انها  منزعجة من الرجل بشده , وكنت أري علامات التضجر تظهر علي وجهها كلما أدارت وجهها نحوه دون أن أدرك السبب بعد  .. السبب عرفته عندما رأيت الرجل يميل علي السيدة برأسه بطريقة تثير التعجب ... لم تتمالك السيدة نفسها وصرخت في وجهة : ماتلم نفسك بقي يا رااجل وتتعدل بقي بدل ما اعدلك . رد فعل متوقع من سيدة يميل عليها رجل بتلك الطريقة , ومع ذلك ظل استعطافي بالرجل قائم لأنه نائم في ملكوت الله ولا يدري بما حوله ...
ظلت متابعتي للمشاهد قائمة وبدأت أشعر بالملل ... فأخرجت كتاباً وبدأت في القراءة ...
وأثناء قرائتي دار حوار بين رجل يجلس علي يميني ... وآخر علي يساري .. كان من الواضح انهم قادمون من الريف ... ظهر ذلك علي ملبسهم وطريقتهم في الكلام ...

-         أله صحيح يا جمعة عملت ايه في موضوع  الواد ايهاب ابن اختك ؟
-         موضوع ايه يا أخويا !
-         لاجيتله العروسة ولا لسه ...
-         والله ماعارف أجولك ايه يا بو محمد ...
-         اوعي تكون لسه بتدور انت بجالك أكتر من 3 شهور مش عارف تلاقيله عروسة
-         يا جدع دي بجت حاجة تجرف ... الواحد مش عارف العيب بجي فين .. بجي في الواد ايهاب بن اختي ولا في النسوان اللي بيتنكوا علينا ,,, هما مايعرفوش ايهاب ده !! هما يطولوا يتجوزوا واحد في مجامه !
-         يا رااجل استهدي بالله بس ... ركز ودور علي بنت الحلال للي تليج بمجامه وتفكيره .. يعني البت سعاد أخت الواد حسين اللي ساكن في الشارع اللي ورانا .. كيف تجبل بالواد ايهاب وهي داكتورة قد الدنيا وليها عيادتها .. وايهاب ده لسه ماخدش الدابلومة .
-         ده انت بتجلب المواجع بقي !
-         ماجصدش والله يا اخوي .. بس لازم تعرف انت رايح لمين ..
-         هاشوف حاضر ... الله يسهلها .

عيني في الكتاب الذي اقرأه وأذني تسمع تلك التفاصيل .. وفمي مفتوح بابتسامه تنم عن فرحتي بذلك الحديث , كنت أرغب في أن اشاركهم الحديث وأفتح حواراً حول ذلك الموضوع .. لكن خوفاً من رد الفعل ان كان باستصغار سني أو بضرب الطرشة كما يقولون ! بالاضافة لكون الموضوع خاص ليس لي شأن به , فهم يتحدثون في أمور عائلية تخصهم ولا تخصني .. فاكتفيت بالاستماع وأنا أعلق في سري وأستمع الي تكملة الموضوع ...

-         فاكر يا جمعة البت عفاف اللي عايشة في البيت اللي علي ناصية الشارع ؟
-         آه عارفها .. بس دي مخطوبة .
-         فسخت خطوبتها من يومين ... ايه رأيك فيها
-         محترمة أوي بس أن اخايف من أخوهاا .. اخوها شورعجي وبتاع مشاكل
-         والبنت مالها ومال ده كله يا عم بس
-         ماهي اكيد واخدة منه حاجة ..  ده غير أبوها اللي عاملي فيها ريس الحتة وواخد كله بالدراع
-         يا أخي جربها ... انتم هاتروحوا للبنت مش لأخوها ولا لأبوها ..
-         والله ماعاارف ..

دار الحوار وكل من في السيارة بتابعوه ... فأصوات هؤلاء الفلاحين كان مرتفعاً بشكل مبالغ فيه منعني من استكمال القراءة والتركيز معهم , وكل من في السيارة أدركت انهم يتابعون الموضوع أيضاً
وفتاة في المقعد الأمامي التي كانت تجمع الأجرة أيضاً كانت مستمتعة بالحديث وتظهر علي وجنتيها ابتسامة سخرية من ذلك الحديث الفلاحي .. فأسلوبهما في التحدث مميز بطريقة مثيرة للاهتمام .
وانقلب الحديث بينهم عن الفتيات وما يميزهم وكيف يختارون الفتاة للواد ايهاب , ومواصفات تلك البنت التي تتناسب مع جو الفلاحين المرهق والذي يحتاج الي فتاة تساوي علي كفة الميزان رجلين أو ثلاثة رجال من أهل الحضر ..  لاحظت التردد الذي ظهر علي وجه الفتاة الجالسة في الأمام وهي تتابع الحديث وأخرجت هتفها المحمول لتتحدث فيه  ... والخجل قد حمّر وجهها عندما انحدر سقف الحديث الي أمور غير لائقة علي الإطلاق , حينها تضجر بعض الركاب من الحديث وودوا لو أن هؤلاء الفلاحين يغادرون السيارة في الحال ..
وبالفعل اقتربت محطتهم وصرخوا : المحطة الجيا يا اسطي !

نزلوا ونزل معهم 4 آخرين من بينهم الفتاة ... كانوا يعوقون نزولهم من السيارة فنزلوا أيضاً منها ..
وعاد الجميع لحالته الطبيعية  ... من كان نائماً عاد ليكمل نومه , ومن كان يقرأ مثلي عاد ليقرأ ...
لكن حدث أمر عجيب للغاية , فالفتاة التي كانت تجلس في الأمام فقدت هاتفها المحمول !! .. ولا تدري أين هو علي الرغم انه كان بيديها منذ قليل ... شرع الجميع بالبحث في السيارة  وطلبت الفتاة من أحد الركاب أن يرن علي هاتفها المحمول ... فعندما اتصلت به كان مغلقاً .. فتأكدت انه سرق , لكن كيف سرق وهو كان بين أيديها داخل السيارة  وكانت تتحدث فيه !!
رنت مرة اخري وجدته مشغول ! .. تعجبت الفتاة ومعها كل من بالسيارة 
عاودت مرة أخري وجدت أحد الأشخاص يرد عليها , فترددت بشده ولم تستطع التحدث , فأخد منها الهاتف سائق السيارة ليحدث السارق ... وفي حديثه تبين أنه لم يسرق الهاتف , بل وجده علي الطريق فحمله وكان سيعطيه للشرطة ... تذكرت الفتاة أنها كانت تحمل الهاتف في يدها أثناء نزولها لتعدية الشخصين في المحطة السابقة , فمن الممكن انها فقدته أثناء معاودتها للركوب .. نتيجة توترها وعدم تركيزها ( حسبما قالت )

عادت السيارة للنقطة التي فقدت فيها الهاتف .. ومع اعتذار الفتاة لنا عن ما حدث
تقبل الجميع أسفها .. وطلبنا منها الهدوء والتريث , فالهاتف بأمان وأن لا تهتم بتأخرنا نحن ..
لم يبد أحد اعتراضاً مطلقاً ..
حتي انا عطفت عليها وأدركت سبب توترها ,,, ذلك الحديث الذي دار بين الفلاحين
والذي كان من التعقيد والحرج ما يجعل الفتاه تفقد تركيزها ...
تبسمت .. وأغلق الكتاب الذي كنت أقرأ فيه وأدخلته في حقيبتي
ووضعت رأسي علي الحقيبة واستغرقت في النوم ...